قليل منــا قادرون عليها

الجندي لرئيسه : صديقي لم يعد من ساحه المعركه سيدي..
أطلب منك الإذن الذهاب للبحث عنه ..

الرئيس:
' الاذن مرفوض '
و أضاف  قائلا :!
لا أريدك أن تخاطر بحياتك من أجل رجل من المحتمل أنه قد مات


الجندي: دون أن يعطي أهمية لرفض رئيسه .
ذهب وبعد ساعة عاد وهو مصاب بجرح مميت حاملاً جثة صديقة ...


قال الرئيس معتزاً بنفسه :
لقد قلت لك أنه قد مات ..
قل لي أكان يستحق منك كل هذه المخاطره للعثور على جثته ؟؟؟


أجاب الجندي ' محتضراً ' بكل تأكيد سيدي .. عندما وجدته كان لا ي زال حياً،،
واستطاع أن يقول لي : ( كنـــت واثـــقاً بأنـــــك ستـــأتي ).

ومات الجندي هو الآخر فاقدا حياته التي لا قيمة لها مقابل انسانيته ورحمته بصديقه

فالرحمة أعمق من الحب وأصفى وأطهر ،فيها الحب وفيها التضحية ،وفيها انكار الذات ،وفيها التسامح ، وفيها العطف ،وفيها العفو وفيها الكرم،و كلنا قادرون على الحب بحكم الجبلة البشرية ،ولكن ..... قليل منا هم القادرون على الرحمة

العمر لحظة...

طالت أم قصرت فهي لحظة ، لحظة في عمر الدهر،
لحظة نحصيها بالسنين ونعدها بالأشهر، ونحسب أيامها ولياليها،
ونجمعها بالساعات والدقائق والثواني؛ ولكنها في النهاية لحظة،
لا يعلم مداها أحد سوى الله عز وجل، ولا أحد غيره يعلم متى تبدأ ومتى وكيفما تنتهي.

ولبيان مدى استشعارنا بقلة أيامنا على الأرض وقصر عمرنا فيها ، يقول الله تعالى في سورة الكهف آية 25 (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثـَلاَثـَمِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا) وهذا تقرير القرآن في مدة مكث أهل الكهف في الكهف ، وإن كانوا قد استقصروها ،كما حكى عنهم القرآن في آية 19 من سورة الكهف، قال تعالى: (وَكَذٰلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَومًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) فانظر كيف مرت هذه السنون على أهل الكهف وكانت عندهم يوماً أو بعض يوم؟. ومثل ذلك حدث لعزير، قال تعالى في سورة البقرة آية 259: (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِيْ هـٰـذِه اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللهُ مِائَةَ عَامٍ ثـُمَّ بَعَثَه قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ) فهذه المائةُ عام عند عزير المؤمن ،كانت يومًا أو بعض يوم. وقد أوردت السنة المطهرة ما يبين أن هذه الدنيا ما هي إلا ساعة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما لي وللدنيا ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار ثم راح وتركها) فهذا مثل الرسول صلى الله عليه وسلم (إن الله إذا أدخل أهل الجنة الجنةَ وأهل النار النارَ قال يا أهل الجنة! كم لبثتم في الأرض عدد سنين؟ "قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم" قال لنعم ما اتّجرتم في يوم أو بعض يوم، رحمتي ورضواني وجنتي امكثوا فيها خالدين مخلدين. ثم قال يا أهل النار كم لبثتم في الأرض عدد سنين ؟ قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم، فيقول بئس ما اتّجرتم في يوم أوبعض يوم، ناري وسخطي امكثوا فيها خالدين مخلدين)

وإلى ذلك تشير الآيات الكريمة في قوله تعالى (قـٰـلَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِيْنَ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ قـٰـلَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيْلاً لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) سورة المؤمنون الآيات 112-114 وإن الله سبحانه وتعالى ليعلم كم لبثوا ، ولكن السؤال هنا لاستصغار أمر الأرض ، واستقصار عمرهم فيها، وكذلك جاءت إجاباتهم بإحساسهم بقصر تلك الحياة وضآلتها، فقالوا: (لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْم) وقال تعالى في سورة الروم آية 55: (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ) أي أنهم يقسمون بأنهم ما لبثوا غير ساعة واحدة في هذه الدنيا .

وكذلك حال الفرد منا عندما يتذكر الأيام الخوالي من حياته بحلوها ومرها، مرحلة طفولته وهو يمرح ويلعب في كنف والديه، ثم مرحلة شبابه، مرحلة الصحة والقوة والحصول على الشهادات الدراسية، ثم التوظف والترقي في السلم الوظيفي والزواج والإنجاب، ثم مرحلة الشيخوخة واقتراب العمر من نهايته، عندما يتذكر كل هذه المراحل وما بها من أحداث صغرت أم كبرت يجدها مرت أمامه في لحظات قليلة ، ويستشعر وكأنها قد حدثت في زمن أقل بكثير عما استنفذته من عمره المديد ، ويستشعر أيضًا كما لو أنها وقعت في الأمس القريب وليس منذ عقود بعيدة مضت، ويستغرب مما وصل إليه حاله ، ويندهش كيف مرّ منه كل هذا العمر بهذه السرعة .

حينئذ يتمنى الرجوع إلى سابق عهده ليعمل صالحاً ويصلح ما أفسده في حياته ، لا يتمنى العودةَ لجمع المال وغرس الأشجار وبناء البنيان ولا لأي متعة من متع الدنيا؛ ولكن ليعمل عملاً صالحاً ، قال تعالى في سورة المؤمنون آية 99: (حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّيْ أَعْمَلُ صَالِحًا) وقال تعالى: (وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ المُجْرِمُوْنَ نَاكِسُوا رُءُوْسَهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسِمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ) سورة السجدة آية 12. وسؤال الرجعة ليس مختصًا بالكافر، فقد يسألها المؤمن كما جاء في سورة المنافقين آية 10 و 11 قال تعالى: (وَأَنْفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُوْلَ رَبِّ لَوْلاَ أَخَّرْتَنِيْ إِلَى أَجَلٍ قَرِيْبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِيْنَ وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللهُ خَبِيْرٌ بِمَا تَعْمَلُوْن)

وروي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجابر (ألا أبشرك يا جابر، وكان قد استشهد أبوه يوم أحد، فقال: بلى بشرك الله بالخير فقال صلى الله عليه وسلم (إن الله عز وجل قد أحيا أباك وأقعده بين يديه وقال تمنّ علي يا عبدي ما شئت أعطيكه فقال: يا رب ما عبدتك حق عبادتك أتمنى عليك أن تردّني إلى الدنيا فأقاتل مع نبيك فأقتل فيك مرة أخرى قال له إنه قد سبق مني أنك إليها لا ترجع)

وحياة الفرد منا وإن طالت فهي محدودة، بينما حياة الإنسان في الأرض مستمرة حتى قيام الساعة. ومهما طال عمر الإنسان فالموت حتمًا نهايته.

وقد قيل :

وما المرء إلا هالك وابن هالك  ..... وذو نسب في الهالكين عـريق

وقد لبث نوح عليه الصلاة والسلام في قومه (ألف سنة إلا خمسين عام) سورة العنكبوت آية 14، ثم مات بعد ذلك ، ولبث أصحاب الكهف في كهفهم (ثلاثمائة سنين وزدادوا تسعًا) سورة الكهف آية 25، ثم ماتوا بعد ذلك ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين وأقلهم من يجوز ذلك) رواه الترمذي . فالكل ميت لا محالة ، يقول الحق جل وعلا مخاطبًا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل من بلغ (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) سورة الزمر آية 30، لبيان حتمية الموت ووجوبه على الجميع ، ويقول سبحانه وتعالى (كُلُّ نَفْسٍ ذَائقةُ الْمَوْتِ) سورة آل عمران آية 185، ويقول (وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُوْنَ) سورة الأنبياء آية 34 ويقول سبحانه وتعالى (ثـُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذٰلِكَ لَمَيِّتُوْنَ ثـُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُوْنَ) سورة المؤمنون الآيتان 15و 16، وكذلك في قوله تعالى: (كَيْفَ تَكْفُرُوْنَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثـُمَّ يُمِيْتُكُمْ ثـُمَّ يُحْيِيْكُمْ ثـُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُوْنَ) سورة البقرة آية 28،


وغير ذلك من آيات القرآن الكريم التي تدل دلالةً قاطعةً على حتمية موت كل إنسان ، حتى الملائكة وغيرهم من مخلوقات الله الذين لا تدركهم حواسّنا مثل الجن والشياطين لابد أن يذوقوا الموت ، وقد وردت الآثار التي تبين كيف أن ملك الموت هو آخر من يموت من الملائكة ، ويفني كل من عليها (وَيَبْقَيٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذو الجلال والإكرام) سورة الرحمن آية 27، يبقي الملك الديان ، الحي القيوم مالك كل شيء وخالق كل شيء .
 
ولكننا بالحياة نستشعر عمرنا كلحظات ... منها:

لحظة فرح
ما أبهظ ثمن الفرح في هذا الزمان ... وما أروع لحظاته ... إنها كالغيث تنزل على صحراء أعماقنا العطشى .... فتزهر كل المساحات القاحلة بنا ... إنها تلوننا..تغسلنا..ترممنا..تبدلنا ... تحولنا إلى كائنات أُخرى ، كائنات تملك قدرة الطيران .... فنحلق بأجنحة الفرح إلى مدن طال انتظارنا واشتياقنا لها

لحظة حزن
الحزن.... ذلك الشعور المؤلم ، وذلك الشعور المؤذي .. وذلك الشعور المقيم فينا إقامة دائمة ... فلا نغادره.. ولا يغادرنا .. يأخذنا معه إلى حيث لا نريد ... فنتجول في مدن ذكرياتنا الحزينة ... ونزور شواطئ انكساراتنا ... ونغفو .. نحلم بلحظة أمل تسرقنا من حزننا الذي لا ينسانا ... ومن قلوبنا التي لا تنساه

لحظة حنين
حنيننا..إحساسنا الدافئ بالشوق... إلى إنسان ما ..إلى مكان ما إلى إحساس ما.. إلى حلم ما ... إلى أشياء كانت ذات يوم تعيش بنا ونعيش بها ... أشياء تلاشت كالحلم .. لكن مازال طعمها عالقاً بأفواه قلوبنا ... ومازال عطرها يملأ ذاكرتنا ... أشياء نتمنى أن تعود إلينا وأن نعود إليها ... في محاولة يائسة منا لإعادة لحظات جميلة وزمان رائع أدار لنا ظهره ورحل كالحلم الهادئ

لحظة اعتذار
بيننا وبين أنفسنا هناك أشياء كثيرة نتمنى أن نعتذر لها ... أشياء أخطأنا في حقها أسأنا لها ... ربما بقصد وربما بلا قصد ... لكن بقي في داخلنا إحساس بالذنب ... ورغبة قوية للاعتذار لهم ... وربما راودنا الإحساس ذات يوم بالحنين إليهم .... وربما تمنينا من أعماقنا أن نرسل إليهم بطاقة اعتذار ... أو أن نضع أمام بابهم باقة ورد ندية

لحظة ذهول
عندما نُصاب بالذهول .. ندخل في حالة من الصمت ... ربما لأن الموقف عندها يصبح أكبر من الكلمة ... وربما لأن الكملة عندها تذوب في طوفان الذهول ... فنعجز عن الاستيعاب ونرفض التصديق ... ونحتاج إلى وقت طويل كي نجمع شتاتنا ... ولكي نستيقظ من غيبوبة الذهول ... التي أدخلتنا فيها رياح الصدمة..

لحظة ندم
ما طعم الندم؟..وما لون الندم؟..وما آلام الندم؟ ... اسألوا أولئك الذين يسري فيهم الندم سريان الدم ... أولئك الذين أصبحت أعماقهم غابات من أشجار الندم .... أولئك الذين يحاصر الندم مضاجعهم كالوحوش المفترسة ... أولئك الذين يبكون في الخفاء كلما تضخّمت فيهم أحاسيس الندم ... ويبحثون عن واحة أمان يسكبون فوقها بحور الندم الهائجة في أعماقهم..

لحظة حب
معظمنا يملك قدرة الحب ... لكن قلّة منا فقط يملكون قدرة الحفاظ على هذا الحب ... فالحب ككل الكائنات الأُخرى
يحتاج إلى دفء وضوء وأمان لكي ينمو نموه الطبيعي ... فلكي يبقى الحب في داخلك، فلابد أن تهيئ له البيئة الصالحة ... ولابد أن تتعامل مع الحب كما تتعامل مع كل شيء حولك يشعر ويحس ويتنفس ... فلا تظلم الحب.. لكيلا يظلمك الحب..

لحظة غضب
في حالات كثيرة ينتابنا الغضب فنغضب ونثور كالبركان ونفقد قدرة التفكير ويتلاشى عقلنا خلف ضباب الغضب وتتكون في داخلنا رغبة لتكسير الأشياء حولنا فلا نرى ولا نسمع سوى صرخة الغضب في أعماقنا وكثيراً ما خسرنا عند الغضب أشياء كثيرة نعتز بها وتعتز بنا ثم نستيقظ على بكاء الندم في داخلنا


وأخيرًا .. لا تخونك لحظات الحياة ... فها هي الأيام تنطوي بلمح البصر، وها هي لحظتنا تكاد تنقضي ، وها نحن نساق إلى ما آل إليه سالف الآباء والأجداد ؛ فليس إلى التأخير من سبيل ، فمن ذا الذي يترك بصمة على كتف الزمن ، وينقش اسمه بحروف من ذهب على صفحات التاريخ ، ليبقى راسخًا في أذهان الأمم..."كل الأمم" ، مع ما ينتظره من حسن الجزاء في الآخرة، قال تعالى في سورة القصص آية 67: (فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَىٰ أَنْ يَكُوْنَ مِنَ الْمفلِحِيْنَ) وقال عز وجل في سورة النحل آية 97: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّه حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُوْنَ)
...

اللهم لك الحمد على ما وهبت و ما اعطيت

 لا يعلمون من تكنولوجيا العالم سوى حصيرة القش التي يجلسون عليها



 كل ما يطمح له ان يجد بعض ما يبيعه في القمامة حتى تستمر الحياة


 ملاعب الأطفال الآمنة


ينتظرون رحمة من الله في برد لا نحتمله في بيوتنا


 كل ما يملك هو غطاء جسده


حليب نيدو للاطفال مغذِّ ..... لكن !!!
 
 
ترى ما الذي يأمله من بعد دراسته ؟؟!!



فتات الاخرين هل يمكن ان تؤكل !!!!


 ذاقوا المر منذ نعومة أظافرهم


 ما أجمل المناظر الطبيعية الخلابة أمام منزلهم !!!


أنظر الى عينيّ الطفلة بتمعن و إبحث عن الأمل إن وجد


 و يستمر بحثهم عن الطعام


منزل يا ترى كيف هي منازلنا  !!


لا تجد من يرحمها ويرعاها في هذا السن غير خالقها


إن كنت تشكو من طعم الماء يوما !!

و لسوف يعطيك ربك فترضى



هذه قصة لسيدة في الثامنة و الثلاثين من العمر نشأت في أسرة ميسورة الحال و عاشت في كنفها حياة هادئة إلي أن تخرجت في الجامعة .. و عقب التخرج إلتحقت بعمل ممتاز يدر عليها دخلا كبيرا .. تقول :

" و أحببت عملي كثيرا و أعطيته كل اهتمامي , و تقدمت فيه سريعا حتي تخطيت كثيرين من زملائي . و كنت خلال مرحلة الجامعة قد ارتديت الحجاب بإرادتي و اختياي , و بدأ الخطاب يتقدمون إلي , لكنني لم أجد في أحدهم مايدفعني للارتباط به, ثم جرفني العمل و الانشغال به عن كل شيء آخر حتي بلغت سن الرابعة و الثلاثين و بدأت أعاني النظرات المتسائله عن سبب عدم زواجي حتي هذه السن . و تقدم لي شاب من معارفنا يكبرني بعامين .. و كان قد أقام عقب تخرجه عدة مشروعات صغيرة باءت كلها بالفشل .. و لم يحقق أي نجاح مادي , و كان بالنسبة لي محدود الدخل, لكني تجاوزت عن هذه النقطة و رضيت به وقررت أنني بدخلي الخاص سوف أعوض كل ما يعجز هو بإمكاناته المحدودة عنه 
و ستكون لنا حياة ميسورة بإذن الله. و قد ساعدني علي اتخاذ هذا القرار أنني كنت قد بدأت أحبه .. و أنه قد أيقظ مارد الحب النائم في أعماقي و الذي شغلت عنه طيلة السنوات الماضية بطموحي في العمل

كما أنه كان من هؤلاء البشر الذين يجيدون حلو الكلام , و قد روي بكلامه العذب ظمأ حياتي . و بدأنا نعد لعقد القران وطلب مني خطيبي صورة من بطاقتي الشخصية ليستعين بها في ترتيب القران.. و لم أفهم في ذلك الوقت مدي حاجته لهذه الصورة لكني أعطيتها له في اليوم التالي فوجئت بوالدته تتصل بي تليفونيا و تطلب مني بلهجة مقتضبة مقابلتها علي الفور.. و توجست خيفة من لهجتها المتجهمة , و أسرعت إلي مقابلتها. فإذا بها تخرج لي صورة بطاقتي الشخصية و تسألني هل تاريخ ميلادي

المدون بها صحيح ؟ و أجبتها بالإيجاب و أنا أزداد توجسا و قلقا , ففوجئت بها تقول لي: إذن فإن عمرك يقترب الآن من الأربعين .

و ابتلعت ريقي بصعوبة ثم قلت لها بصوت خفيض أن عمري 34 عاما.

فقالت أن الأمر لا يختلف كثيرا لأن الفتاة بعد سن الثلاثين تقل خصوبتها كثيرا و هي تريد أن تري أحفادا لها من ابنها.. لا أن تراه هو يطوف بزوجته علي الأطباء جريا وراء الأمل المستحيل في الإنجاب منها.و لم أجد ما أقوله لها لكني شعرت بغصة شديدة في حلقي , و أنتهت المقابلة و عدت إلي بيتي مكتئبهة.. و منذ تلك اللحظة لم تهدأ والدة خطيبي حتي تم فسخ الخطبة بيني و بينه و أصابني ذلك بصدمه شديدة لأنني كنت قد أحببت ...
و تعلقت بأمل السعادة معه.. لكنه لم ينقطع عني بالرغم من فسخ الخطبة , و راح يعدني بأنه سيبذل كل جهده لإقناع والدته بالموافقه علي زواجنا.. و استمر يتصل بي لمدة عام كامل دون أي جديد .. و وجدت أنني في حاجة إلي وقفة مع النفس و مراجعة الموقف كله.. و انتهيت من ذلك إلي قرار ألا أمتهن نفسي أكثر من ذلك و أن أقطع هذه العلاقة نهائيا .. و فعلت ذلك و رفضت الرد علي اتصالات خطيبي السابق.

و مرت ستة أشهر عصيبة من حياتي.. ثم أتيحت لي فرصة السفر لأداء العمرة , فسافرت لكي أغسل أحزاني في بيت الله الحرام .. و أديت مناسك العمرة .. و لذت بالبيت العتيق و بكيت طويلا و دعوت الله أن يهييء لي من أمري رشدا , و في أحد الأيام كنت أصلي في الحرم و انتهيت من صلاتي و جلست أتأمل الحياة في سكون فوجدت سيدة إلي جواري تقرأ في مصحفها بصوت جميل.. و سمعتها تردد الآية الكريمة و كان فضل الله عليك عظيما فوجدت دموعي تسيل رغما عني بغزارة , و التفت إلي هذه السيدة و جذبتني إليها, و راحت تربت علي ظهري بحنان و هي تقرأ لي سوره الضحي إلي أن بلغت الآية الكريمة و لسوف يعطيك ربك فترضي فخيل إلي أنني أسمعها لأول مرة في حياتي .... مع أني قد رددتها مرارا من قبل في صلاتي.. و هدأت نفسي, وسألتني السيدة الطيبة عن سبب بكائي فرويت لها كل شيء بلا حرج, فقالت إن الله قد يجعل بين كل عسرين يسرا, و أنني الآن في العسر الذي سوف يليه يسر بإذن الله.. و أن ما حدث لي كان فضلا من الله لأن في كل بلية نعمة خفية كما يقول العارفون , و شكرتها بشدة علي كلماتها الطيبة و دعوت لها بالستر في الدنيا و في الاخرة , و غادرت الحرم عائدة إلي فندقي و أنا أحسن حالا و انتهت فترة العمرة و جاء موعد الرحيل, و ركبت الطائرة عائدة 

فجاءت جلستي إلي جوار شاب هاديء الملامح و سمح الوجه, وتبادلنا كلمات التعارف التقليدية.. فوجدتني أستريح إليه و اتصل الحديث بيننا طوال الرحلة إلي أن وصلنا و انصرف كل منا إلي حال سبيله, و انهيت إجراءاتي في المطار , و خرجت فوجدت زوج أقرب صديقاتي إلي في صالة الانتظار فهنأني بسلامة العودة و سألته عما جاء به للمطار فأجابني بأنه في انتظار صديق عائد علي نفس الطائرة التي جئت بها. و لم تمض لحظات إلا و جاء هذا الصديق فإذا به هو نفسه جاري في مقاعد الطائرة و تبادلنا التحية , ثم غادرت المكان بصحبة والدي.. وما أن وصلت إلي البيت و بدلت ملابسي و استرحت بعض الوقت حتي وجدت زوج صديقتي يتصل بي و يقول لي أن صديقه معجب بي بشده و يرغب في أن يراني في بيت صديقتي في نفس الليلة لأن خير البر عاجله , ثم يسهب بعد ذلك في مدح صديقه و الإشاده بفضائله و يقول لي عنه أنه رجل أعمال شاب من أسرة معروفة و علي خلق و دين و لا يتمني لي من هو أفضل منه لكي يرشحه للارتباط بي.

و خفق قلبي لهذه المفاجأة غير المتوقعة.. و استشرت أبي فيما قاله زوج صديقتي فشجعني على زيارة صديقتي لعل الله جاعل لي فرجا.

و زرت صديقتي و زوجها و التقيت بجاري في الطائرة و استكملنا التعارف و تبادلنا الإعجاب.. و لم تمض أيام أخري حتي كان قد تقدم لي.. و لم يمض شهر و نصف الشهر بعد هذا اللقاء حتي كنا قد تزوجنا و قلبي يخفق بالأمل في السعاده , و حديث السيدة الفاضلة في الحرم عن اليسر بعد العسر يتردد في أعماقي . و بدأت حياتي الزوجية متفائلة و سعيدة و وجدت في زوجي كل ما تمنيته لنفسي في الرجل الذي أسكن إليه من حب و حنان و كرم و بر بأهله و أهلي , غير أن الشهور مضت و لم تظهر علي أية علامات للحمل, و شعرت بالقلق خاصة أنني كنت قد تجاوزت السادسه و الثلاثين و طلبت من زوجي أن أجري بعض التحاليل و الفحوص خوفا من ألا أستطيع الإنجاب , فضمني إلي صدره و قال لي بحنان غامر أنه لا يهمه من الدنيا سواي.. و أنه ليس مهتما بالإنجاب, لأنه لا يتحمل صخب الأطفال وعناءهم, لكني أصررت علي مطلبي.. و ذهبنا إلي طبيب كبير لأمراض النساء و طلب مني إجراء بعض التحاليل, و جاء موعد تسلم نتيجه أول تحليل منها ففوجئت به يقول لي أنه لا داعي لإجراء بقيتها لأنه مبروك يامدام.. أنت حامل!

فلا تسل عن فرحتي و فرحة زوجي بهذا النبأ السعيد .. و غادرت عيادة الطبيب و أنا أشد علي يده شاكرة له بحرارة.

و في ذلك الوقت كان زوجي يستعد للسفر لأداء فريضة الحج , فطلبت منه أن يصطحبني معه لأداء الفريضة و أداء واجب الشكر لمن أنعم علي بهذه النعم الجليلة, و رفض زوجي ذلك بشدة و كذلك طبيبي المعالج لأنني في شهور الحمل الأولي .. لكني أصررت علي مطلبي و قلت لهما أن من خلق هذا الجنين في أحشائي علي غير توقع قادر علي أن يحفظه من كل سوء , و استجاب زوجي لرغبتي بعد استشاره الطبيب و اتخاذ بعض الاحتياطات الضرورية و سافرنا للحج و عدت و أنا أفضل مما كنت قبل السفر..

و مضت بقيه شهور الحمل في سلام و إن كنت قد عانيت معاناة زائدة بسبب كبر سني, و حرصت خلال الحمل علي ألا أعرف نوع الجنين لأن كل ما يأتيني به ربي خير و فضل منه, و كلما شكوت لطبيبي من إحساسي بكبر حجم بطني عن المعتاد فسره لي بأنه يرجع إلي تأخري في الحمل إلي سن السادسة و الثلاثين . ثم جاءت اللحظة السحرية المنتظرة و تمت الولادة و بعد أن أفقت دخل علي الطبيب و سالني باسما عن نوع المولود الذي تمنيته لنفسي فأجبته بأنني تمنيت من الله مولودا فقط و لا يهمني نوعه.. 

ففوجئت به يقول لي: إذن ما رأيك في أن يكون لديك الحسن و الحسين و فاطمه !!

و لم أفهم شيئا و سألته عما يقصده بذلك فإذا به يقول لي و هو يطالبني بالهدوء و التحكم في أعصابي أن الله سبحانه و تعالي قد من علي بثلاثه أطفال ,

سـبـحـــــــان الله ,,,

كان الله سبحانه و تعالي قد أراد لي أن أنجب خلفة العمر كلها دفعة واحدة رحمة منه بي لكبر سني , و أنه كان يعلم منذ فتره بأنني حامل في توءم لكنه لم يشأ أن يبلغني بذلك لكيلا تتوتر أعصابي خلال شهور الحمل و يزداد خوفي.

و لم أسمع بقية كلامه فلقد انفجرت في حالة هستيرية من الضحك و البكاء و ترديد عبارات الحمد و الشكر لله.. و تذكرت سيدة الحرم الشريف.. و الآية الكريمة.. ولسوف يعطيك ربك فترضي .. و هتفت

أن الحمد لله.. الذي أرضاني و أسبغ علي أكثر مما حلمت به من نعمته.

أما زوجي الذي كان يزعم لي أنه لا يتحمل صخب الأطفال و عناءهم لكي يهون علي همي بأمري فلقد كاد يفقد رشده حين رأي أطفاله الثلاثة و راح يهذي بكلمات الحمد و الشكر لذي الجلال و الإكرام حتي خشيت عليه من الانفعال. و أصبح من هذه اللحظة لا يطيق أن يغيب نظره عنهم  ....."

توجه رسالتها هذه إلي كل فتاه تأخر بها سن الزواج أو سيدة تأخر عنها الإنجاب
و تطالبهن بألا يقنطن من رحمة الله 
اسفة عالاطالة
 منقووول

على دروب الحياة نمضي

إذا المـرء لا يرعـاك إلا تكلـفـاً فدعـه ولا تكثـر عليـه التأسـفـا

ففي الناس أبدال وفي الترك راحـة وفي القلب صبر للحبيب ولـو جفـا

فما كل مـن تهـواه يهـواك قلبـه ولا كل من صافيته لـك قـد صفـا

إذا لم يكـن صفـو الـوداد طبيعـة فـلا خيـر فـي ود يجـيء تكلفـا

ولا خير فـي خـل يخـون خليلـه ويلقـاه مـن بعـد المـودة بالجفـا

وينكـر عيشـاً قـد تقـادم عـهـده ويظهر سراً كان بالأمس فـي خفـا

سلام على الدنيا إذا لم يكن بها صديق صـدوق صـادق الوعـد منصـفـا