أول لــــيلة وحْـــدي مَعَـــك




جاء اليوم الذي كنت أنتظره
جاء اليوم الذي كنت أتمناه و أخشاه
جاء اليوم الذي سأغادر فيه دار أهلي لأذهب إلى داري ..
جاء مختلفا تماما عن تصوراتي


إمتلأ البيت بالأهل و الجيران و الأقارب
و حضر بعض النسوة ليجهزاني للقاء
إعتنين بي و صففن شعري و أرسلن الضفائر خلف ظهري
ألبسنني الثوب الأبيض و الطرحة ثم عطروني

دخلت علينا أمي و دموعها تجري قائلة :
"كم تمنيت أن أراكي عروسة تُـــزَف"
ثم ذهبنا إلى المسجد لإتمام المراسم
و هناك دعـا لي الجميع بخير زوج وخير دار ثم إنطلقوا بي إلى داري الجديد

بعض من أهلى رافقوني وبعد برهة وجيزة جدا تركوني
رحلوا و أنا أسمع وقع أقدامهم تبتعد
تركوني وحدي .. لأول مرة وحدي معك

يــاه ما أجملك !! حسن الوجه .. حسن الثياب .. طيب الريح
شعرت بضمة قوية حتى كادت أن تختلف أضلعي من شدتها .. صرخت
لف المكان ظلام دامـــس .. فزعت
فإذا بإثنان لم أتبيــن ملامحهما يقتربان مني .. ذُبْت هلعا

إقترب الغريبان فأجلساني ثم بدأَ يسألاني
إستنجدت بك .. أنا الآن وحدي بلا أهل يدافعون عني
فإذا بك تقترب تطمئني قائلا : لا تخافي ولا تحزني
أنا عملك الصالح معك أدافع و أدفع .. أمنع و أرفع

أجيبيهما بما تعاهدتي من ذكر
تذكري ما كنتي تقوليه بعد كل أذان
فذلف لساني بالإجابة :
"الله ربي و الإسلام ديني و سيدي محمد صلى الله عليه و سلم نبي الله و رسوله "

تبسما الغريبان
فإمتلأ المكان بالنور
فإذا به بستان شاسع ذو أشجار ظليلة و أنسام عطرة
و قبل أن ينصرفـا بشراني بالجنة
ثم تركاني في ثبات عميق إلى يوم يبـعثون

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :

(من قال حين يسمع المؤذن وأنا أشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله رضيت بالله ربـا و بالإسلام دينا و بمحمدا نبيا غفر له ذنبه )

رواه سعد بن أبي وقاص المحدث : الألباني - خلاصة حكم المحدث :صحيح

منقووول
...............
..............
..............

أما أنـا .. لا يشتاق قلبي الآن لثَمَــة شيء .. أكثر من إشتياااااااااقه لضمة قبري
ولا أعلم سبب لذلك

ربما لأن لا شيء في الحياة يستحق الإشتياق أكثر من نهايتها

ربما لخوفي الشديد مما تخبئه لي الأيام

ربما لرعبي من الفتنة على قلبي و كثرة ذنوبي

ربما لأرى ماذا سيفعلون أحبائي

من سيقف على مدفني يدعو لي .. لأشكره الآن نيابة عني بعد مماتي
من سيلملم أوراقي فتقع عينيه على صوري ويبكي .. كي أمسح دموعه الآن بيدي
من سيترك أشغاله لحضور دفني .. كي أكثر من زيارته الآن قبل أن يفارقني
وماذا عن أصدقائي !! هل سيهزّهم الخبر ... وهل سيبقى قلبهم يتذكرني

وربما لأني أعلم علم اليقين إجابات هذه الأسئلة !!!
.
ولكن .. برغم شِدة شوقي !!
خائفة ..

فالقبر ينــــادي
أنا بيت الوحدة : فأجعل قراءة القرآن لك مؤنسآ
أنا بيت الظلمة : فنورني بصلاة الليل
أنا بيت التراب : فأجعل فراشك العمل الصالح
أنا بيت الأفاعي : فأحمل الترياق وهو بسم الله
أنا بيت منكر و نكير : فأكثرقول الشهادتين

فأتسائل !!!

هلى أنا مستعدة لوحدته و ظلمته و وحوشه و وحشته
و هل سأجد من عملي ما يكفي
لأن يؤنس وحدتي .. و ينير ظلمتي .. و يطمئن روعي ووحشتي


اﻟلھّمُ أرﺣ͠مني إذا بردٺ أقدآمي ، وارتخت يدي ،
ۆ ﻋ̃رق جبيني و زآغ بصّري ، 
وأرﺣ͠مني إذآ غسّلوني ۆ إذا كَفنونيٓ ، 
و أرﺣ͠منيٓ إذا ﻋ̃لى أكَتافھٓم ﺣ͠ملونيٓ


يا رب احسن ختام أعمالنا وأعمال كل المسلمين و المسلمات ولا تمتنا الا وانت راض عنا
يا رب واذا أردت بقومٍ فتنةً فاقبِضْنا اليكَ غيرَ مفتونين
لا خزايا و لا ندامة و لا مُبَدَّلين .. برحمتكَ يا أرحمَ الراحمين
اللهم أحينا ما كانت الحياة خيرا لنا .. و توفنا إذا كانت الوفاة خيرا لنا
اللهم اجعل الموت راحة لنا من كل شر .. اللهم اجعل الموت راحة لنا من كل شر
اللهم هب لنـــا من لدنك رحمة و هييء لنـــا من أمرنا رشدا
وتوفنا يا رب مسلمين .. مؤمنين .. غير مفتونين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق